جريدة السوهاجية

جريدة السوهاجية | صوت من لا صوت له

د. هانى الناظر: مصر قادرة على تحقيق ثراء يفوق دول الخليج

 

منابعات السوهاجية 

“الوفد “

كشف الدكتور هانى الناظر، الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث، أن إسرائيل وعدداً من الدول الغربية سرقت مئات العلماء المصريين خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

قال «الناظر» فى  حواره مع «الوفد» إن مصر تعرضت لأخطر سرقة فى التاريخ الحديث عقب ثورة يناير 2011.
وأضاف: تسللت مافيا تابعة لمراكز الأبحاث والجامعات الغربية والإسرائيلية، وقدمت عروضاً خيالية للمئات من شباب الباحثين فى مصر وأقنعوهم على السفر للخارج والالتحاق بالمراكز البحثية هناك، وهذه أخطر عملية سرقة لمستقبل مصر.
وواصل الدكتور «الناظر» طرح حلول علمية لأزمات مصر، فأكد أن لديه دراسة متكاملة لحل أزمة الطاقة فى مصر خلال شهور قليلة. وقال: الحل الذى طرحته الدراسة لن يحل أزمة الطاقة فقط، وإنما سيجعلها أكثر ثراء من دول الخليج العربى.
وأكد «الناظر» أن لديه دراسة متكاملة لحل أزمة العشوائيات وتوفر شقة مكتملة المرافق والخدمات لكل أسرة تسكن المناطق العشوائية، دون أن تتحمل الدولة مليماً واحداً.
وأكد «الناظر» أن لديه دراسة علمية ثالثة توفر مليارات الدولارات سنوياً لوزارة الصحة ودراسة رابعة تقضى على الدروس الخصوصية وتضع التعليم المصرى فى مصاف العالمية، ودراسة خامسة تنقذ الزراعة المصرية وتجعل مصر بلداً مصدراً للمنتجات الزراعية.. ودراسة سادسة تضع مصر على قمة صناعة الدواء العالمى.
وأضاف «الناظر»: مصر ستصبح دولة عظمى عندما تصير دولة العلم والأخلاق والقانون.. وإلى نص الحوار..
> فى الجزء الأول من الحوار قلت إن لديك دراسات علمية لحل كل الأزمات.. ومصر منذ شهور وهى تعانى لدرجة البكاء من أزمة الكهرباء فهل لديك حل لهذه الأزمة؟
– طبعاً.. لدى حل، يقضى على المشكلة خلال أسابيع قليلة، وفوق هذا يجعل مصر أكثر ثراء من دول الخليج العربى، وأيضاً يقى ملايين المصريين من الإصابة بقائمة طويلة من الأمراض على رأسها الفشل الكلوى.
> كل ذلك مرة واحدة؟
– نعم.. وبالمناسبة الحل بسيط جداً.
> كيف؟
– الإجابة حددتها دراسة علمية قام بها 40 باحثاً وعالماً بالمركز القومى للبحوث، والحل يبدأ بتحويل الفضلات الحيوانية والآدمية فى كل قرى مصر إلى غاز حيوى أو «بيوجاز»، وهذا الغاز قادر على إنارة كل قرى مصر، أى أنه سيوفر 15٪ من إجمالى كميات الكهرباء التى نستهلكها فى مصر.
> والتكلفة؟
– لا تكاد تذكر.. فالأمر كله لا يحتاج سوى حفر «بيارات» فى كل قرية لتجميع الفضلات الحيوانية والآمية، وخلال 48 ساعة تتخمر تلك الفضلات فينتج عن التخمر كثير من الغازات 75٪ من تلك الغازات هو غاز الميثان المعروف باسم غاز الاستصياح، وكل ما أحتاجه هو سحب الغاز فى أنابيب متصلة بمولدات الكهرباء وبواسطة هذا الغاز يتم تشغيل المولدات فتنير القرية بالكامل.
> وهل عملية سحب الغاز وضخه إلى المولدات تحتاج إلى تكنولوجيات عالية؟
– بالعكس لا يلزمها سوى تكنولوجيات بسيطة جداً يتم تصنيعها محلياً.. يعنى إنارة قرية بالكامل لن يتكلف سوى بضع آلاف من الجنيهات.
> بضع آلاف من الجنيهات تنير كل قرية ونوفر 15٪ من الكهرباء المستهلكة؟
– نعم.. وليس هذا فقط، فبالإضافة إلى هذا التوفير الكبير، ستنقذ سكان القرى جميعاً من عملية قتل جماعى يتعرضون لها حالياً، بسبب اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف، فتجميع الفضلات فى «بيارات» يوفر وسيلة آمنة وصحية للتخلص من الصرف الصحى وبالتالى سيتوقف تماماً اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف فى كل قرى مصر البالغ عددها 4500 قرية، وهذا بدوره سيحمى سكان القرى جميعاً من الإصابة بقائمة طويلة من الأمراض على رأسها الفشل الكلوى، الذى ينتشر بشكل مخيف فى كل قرى مصر بسبب اختلاط الصرف بمياه الشرب.
> وهل الدراسة التى تتحدث عنها تم تجريبها على أرض الواقع أم أنها مجرد دراسة مكتبية لم تخضع للتجريب؟
– مفيش دراسة علمية حقيقية إلا وتمت تجربتها خلال فترة إعدادها، وهذه الدراسة تمت تجربتها عملياً فى قريتين بالوادى الجديد وفى قرية فى أسيوط وكانت نتائجها مبهرة وبالمناسبة ذات الفكرة تطبق بشكل واسع جداً فى الهند وباكستان والصين والنتائج هناك رائعة.
> قلت إن الفكرة تمت تجربتها فى الوادى الجديد وأسيوط فلماذا لم يتم تعميمها؟
– تعميم مين؟! دى توقفت كمان فى القرى التى تمت تجربتها فيها رغم أنها كانت ناجحة بكل المقاييس.
> لماذا توقفت؟
– لأن المسئولين لا يؤمنون بالعلم ولا بالبحث العلمى ومن خلال «الوفد» أناشد كل مسئول يحب وطنه أن يتبنى هذه الطريقة، وأؤكد أن كل الدراسات الخاصة بها موجودة والخبراء الذين سينفذونها مستعدون تماماً للتنفيذ فوراً وجميعهم علماً بمركز البحوث، وأؤكد أن كل الدراسات الخاصة بها موجودة والخبراء الذين سينفذونها مستعدون تماماً للتنفيذ فوراً وجميعهم علماء بمركز البحوث، وأؤكد أيضاً أن تنفيذ تلك الفكرة لن يحتاج سوى لأسابيع قليلة، وعندها سنوفر 15٪ من الكهرباء التى نستخدمها فى الدولة.
> تلك الفكرة لا تصلح سوى للقرى فقط.. أليس كذلك؟
– نعم.. هناك أفكار علمية أخرى تتعلق بإنارة المدن بمحطات طاقة شمسية دون أن تتحمل ميزانية الدولة مليماً واحداً.
> كيف؟
– لن نحتاج سوى إلى دعوة المستثمرين لإقامة محطات طاقة شمسية فى مصر، مع منحهم الأراضى التى ستقام عليها تلك المحطات مجاناً.
> وما المقابل؟
– مقابل حاجتين.. أولهما أن تكون كل العمالة الهندسية والفنية والإدارية التى ستعمل بتلك المحطات من المصريين، والثانى أن تحصل الدولة على نسبة من الكهرباء التى تنتجها تلك المحطات مجاناً، وهذه الكمية تخصصها الدولة للفقراء بالمجان أيضاً.
> يعنى نغطى مصر كلها بمحطات طاقة شمسية؟
– نبدأ بالأماكن السياحية، وتجمعات الأثرياء ورجال الأعمال كالساحل الشمالى وشرم الشيخ ودهب والغردقة والقصير فنضىء كل الأماكن السياحية بالكهرباء التى يتم توليدها من الطاقة الشمسية، وهى طاقة آمنة وغير ملوثة، ولا تؤثر على صحة الإنسان.
الحكاية نفسها نكررها فى التجمع الخامس والشيخ زايد وغيرهما من تجمعات الأثرياء بمحافظات مصر المختلفة، وكل منطقة من تلك المناطق يكفيها محطة واحدة متوسطة من محطات الطاقة الشمسية، ومثل هذا الأمر سيوفر حوالى 15٪ من الكهرباء التى نستهلكها حالياً يعنى لو طبقنا توليد الكهرباء من البيوجاز فى القرى ومن الطاقة الشمسية فى المناطق السياحية وتجمعات الأثرياء سنوفر حوالى 30٪ من الطاقة الكهربية المستخدمة حالياً وهو ما يعنى انتهاء أزمة الكهرباء تماماً.
> ولماذا تكون البداية من المناطق السياحية وتجمعات الأثرياء؟
– لأن الأثرياء ممكن بسهولة يدفعون تكاليف إنشاء تلك المحطات وبالتالى تكون هذه المحطات مملوكة للدولة، ففى تلك المناطق سعر الفيلا يصل إلى 15 مليون جنيه، وبالتالى لو سدد كل صاحب فيلا 100 ألف جنيه أخرى مثلاً مقابل أن يحصل على كهرباء مجاناً مدى حياته، فلن تكون هناك مشكلة أبداً، ومن تلك المبالغ يمكن إقامة محطات الطاقة الشمسية التى ستخصص جزءاً من إنتاجها الكهربى لتوزيعه بالمجان على الفقراء، وهذا يحقق العدالة الاجتماعية فى أسمى صورها، مع العلم بأن طريقاً ثالثاً يجب أن نسلكه فى الوقت ذاته الذى تنفذ فيه مشروع البيوجاز ومحطات الطاقة الشمسية فى المناطق السياحية وتجمعات الأثراء.
> وما هو؟
– إعلان مناقصة عالمية لإقامة محطات طاقة شمسية كبيرة فى صحارى مصر، وممكن جداً نقيم ما بين 10 محطات إلى 15 محطة ونخصص إنتاجها للتصدير، وهناك أسواق متعطشة لكهرباء مصر، على رأسها أوروبا، بالإضافة إلى أفريقيا والمنطقة العربية وتصدير الكهرباء سيحقق لمصر ثروة خيالية تجعلها أكثر ثراء من دول الخليج كلها، وهو ثراء سيدوم فى مصر لأن الشمس لن تنضب على عكس بترول الخليج ومصر لديها ميزة رائعة بسطوع الشمس على أراضيها طوال أيام السنة، وميزة أخرى بتوسطها للعالم مما يؤهلها لبيع ما تنتجه من كهرباء بسهولة خاصة أن أوروبا تتمنى أن تتخلص من كل محطاتها التى تعمل بالفحم والسولار وتتخلص أيضاً من المحطات النووية وبالمناسبة الألمان عرضوا على مصر إقامة محطات شمسية فى مصر وشراء إنتاج تلك المحطات ولكن الحكومة المصرية رفضت.
> على ذكر الفحم.. كيف ترى عودة بعض المصانع فى مصر لاستخدام الفحم فى توليد الطاقة؟
– هذا شىء محزن.. فهناك بدائل أنظف وأفضل للطاقة فلماذا نعود إلى الخلف؟
> وما تعليقك على تصريح وزيرالكهرباء الذى يؤكد فيه أن الحكومة لن تتمكن هذا الصيف من مواجهة انقطاع التيار الكهربى؟
– أى وزير إذا لم يكن لديه رؤية لحل الأزمات التى تعانى منها وزارته فالأشرف له أن يترك منصبه ويقعد فى بيته.
> وكيف كنت ترى تصريحات الدكتور محمد مرسى عندما كان رئيساً لمصر عن أزمة الكهرباء وحديثه عن «الواد» ــ على حد قوله ــ «اللى بياخد 20 جنيه علشان يقطع الكهربا».
– ده كلام تهريج، ولا يصح أن يصدر من رئيس دولة والحقيقة أن مصر عندها أزمة طاقة وهذه الأزمة انعكست على محطات توليد الكهرباء التى تعمل بالسولار والمازوت ولهذا يجب مواجهة الأزمة بشكل علمى كما قلت بالبيوجاز فى القرى ومحطات الطاقة الشمسية، وعلى فكرة موريتانيا أقامت محطة طاقة شمسية بمبلغ 20 مليون دولار، وهذه المحطة زودت دولة موريتانيا بـ10٪ من احتياجاتها من الكهرباء، وأقيمت تلك المحطة فى 4 شهور فقط يعنى الأزمة ممكن تتحل فى شهور قليلة.. وتتحل للأبد.
> دون لجوء إلى تغيير التوقيت أو استخدام لمبات موفرة؟
– هذه أشياء مهمة حالياً مادمنا نعانى أزمة فتغييرالتوقيت يقلل من استهلاكنا من الكهرباء فعلاً، وكذلك اللمبات الموفرة ولكن الحل الجامع والمانع والنهائى هو البيوجاز والطاقة الشمسية.
> وطاقة الرياح؟
– توليد الطاقة من الرياح مكلف لأنه يحتاج إلى استيراد مراوح من الخارج وهو ما يجعل طاقة الرياح مكلفة، ومادمنا نتحدث عن الطاقة فهناك شىء خطير «محدش واخد باله منه».
> وما هو؟
– مصر وقعت منذ سنوات على اتفاقية مع اتحاد الطيران العالمى، وهذه الاتفاقية تلزم مصر بأن يكون جزء من الوقود المستخدم فى طائرات مصر للطيران هو وقود حيوى مع بداية عام 2020 وهذا أمر خطير وغائب عن أذهان المسئولين بدليل أنه لا أحد من المسئولين يسأل عن الوقود الحيوى فى مصر وهو الوقود المستخرج من النباتات.
> ولو سأل أحد عن هذا الوقود سيجد عندك إجابة؟
– مش هيجد إجابة فقط، بل سيجد دراسة مهمة جداً عن توليد الوقود الحيوى فى مصر، فعلماء المركز القومى للبحوث نجحوا فى استزراع نبات اسمه «جتروفا» هذا النبات يزرع فى الصحراء ويروى بمياه الصرف الصحى ويتحمل العطش ويعد مصدراً رائعاً للوقود الحيوى، ومصر حالياً تعانى أزمة بنزين وسولار، ولهذا يجب زراعة هذا النبات فى صحارى مصر كلها، إذا تمكنا من ذلك لأنه سيوفر لنا وقوداً حيوياً يمكن أن يخلط مع البنزين والسولار بنسب معينة ويستخدم كوقود للسيارات، وهذا يحدث فى الولايات المتحدة، فهناك سيارات وقودها 75٪ بنزين و25٪ وقود حيوى، وهذا الوقود صديق للبيئة لأنه لا يصدر عنه أية ملوثات، ونحن فى مصر لدينا صحارى شاسعة ومياه صرف صحى جزء منها يستخدم فى زراعة أشجار الأخشاب والباقى لا يتم استغلاله، وبالتالى فيجب فوراً استخدام كل هذه المقومات لإنتاج وقود حيوى على الأقل لنواجه أزمة الطاقة وأيضاً لنلتزم باتفاقياتنا مع اتحاد الطيران العالمى وإلا ستدفع مصر غرامات ضخمة.
> وهل استخراج الوقود الحيوى من نبات «الجتروفا» مكلف؟
– بالعكس.. غير مكلف على الإطلاق وبالمناسبة لدينا دراسات جاهزة لاستخراج الوقود الحيوى أيضاً من الطحالب وللأسف كل هذه الدراسات رغم أهميتها لم تخرج للنور.. والسبب كما قلت من قبل هو أن الدولة لا تؤمن بالعلم.
> فى مصر أزمة موجعة إنسانياً ومفجعة اجتماعياً وهى أزمة العشوائيات.. هل لهذه الكارثة حل؟
– دون الدخول فى تفاصيل كثيرة دعنى أؤكد لك أن لدى دراسة نستطيع لو طبقناها أن نوفر شقة لكل أسرة تقيم فى المناطق العشوائية ودون أن نكلف ميزانية الدولة مليماً واحداً، وستتسلم كل أسرة فى العشوائيات هذه الشقق مجاناً وسيتم تمليكها لهم على أن يتضمن عقد التمليك شرطاً واحداً وهو ألا يتم بيع تلك الشقق.
> هكذا بكل بساطة.. حكومات مصر منذ عام 1993 وهى ترفع شعار تطوير العشوائيات وكل حكومة تخصص مليارات الجنيهات سنوياً تحت بند تطوير العشوائيات ومر 21 عاماً كاملاً ونحن نسمع هذا الكلام ولاتزال العشوائيات على حالها دون تطوير اللهم إلا فى مناطق محدودة جداً وقليلة جداً جداً؟
– حدث هذا لأن الحكومات التى تتحدث عنها لم تكن تفكر جدياً فى حل الأزمة.. كانت فقط تقدم مسكنات.. ولو كانت جادة فى حل الأزمة للجأت إلى العلماء وتسألهم نعمل إيه فى الأزمة ولكنها لم تفعل وتصورت أن ضخ الأموال فقط سيحل الأزمة وحكاية ضخ الأموال هذه إدارة غبية لكل أزمة.
> تقصد أن حكومات مصر لم تكن حكومات ذكية؟
– مادامت لم تلجأ إلى العلم فهى ليست ذكية.
> يعنى حكومات غبية؟
– ليست ذكية.. وعلى فكرة الدراسة الخاصة بحل أزمة العشوائيات ستجعل من تلك العشوائيات كنزاً يدر على خزينة الدولة مليارات الجنيهات، والدراسة ذاتها ستوفر مساكن فخمة للأثرياء فى الوقت نفسه توفر شقة آدمية بجميع خدماتها ومرافقها لكل أسرة من سكان العشوائيات.
> قرى مصر وكفورها ونجوعها تمثل بؤر أحزان لا نهاية لها.. سكانها بؤساء.. وأراضيها منهكة وإنتاجها لم يعد يكفى نصف استهلاكنا.. فهل لهذه الحالة المستعصية من حل؟
– مصر حتى عام 1952 كانت واحدة من أفضل بلاد العالم زراعياً ولم نكن نستورد شيئاً من الخارج، ولكن ثورة 1952 فتتت الرقعة الزراعية بسبب قانون الإصلاح الزراعى وتحديد الملكية الزراعية، ورغم المردود الاجتماعى الجيد لهذا المشروع، إلا أنه كان كارثياً على الإنتاج الزراعى وعلى جودة الأرض الزراعية وصرنا حالياً نستورد كل شىء من الخارج، وسنظل فى هذه الدوامة إلا إذا واجهنا الأزمة بشكل علمى.
> وكيف نواجهها بشكل علمى؟
– بأن تتخصص كل محافظة سنوياً فى زراعة محصول واحد على أن تتولى الحكومة شراء تلك المحاصيل من الفلاح مباشرة، وزراعة أرض كل محافظة بمحصول واحد سيقل تكلفة الإنتاج ويقلل من استخدام المبيدات وبالتالى ستزداد مكاسب الفلاح.
وعلى جانب آخر، يجب أن تتبنى الدولة مشروعاً متكاملاً للرعاية الاجتماعية والصحية لكل فلاح، بحيث يتمتع كل منهم بتأمين صحى شامل، وبمعاش لائق عندما يصل إلى سن الستين، ومع إنشاء صندوق لمواجهة الكوارث فى كل قرية تكون وظيفته تعويض كل فلاح تتعرض زراعته للتلف بسبب أو لآخر، أو تموت إحدى ماشيته، أو يتعرض منزله للحريق أو ما شابه.
> وماذا يقدم البحث العلمى للفلاح؟
– يقدم سلالات زراعية أعلى إنتاجية، وهذا متوفر فى دراسات عديدة بمركز البحوث والقومى للبحوث وبمركز بحوث الصحراء وبمركز البحوث الزراعية، ويكفى أن نشير فى هذا المجال إلى نجاح العلماء فى استنباط سلالات من الموز يمكن زراعتها فى الأراضى الصحراوية أى أنها تتحمل العطش بدرجة كبيرة، وهناك أيضاً نبات يصلح لإنتاج الخبز منه اسمه «فول المانج» وغيرها وغيرها من السلالات الزراعية التى تم التوصل إليها من خلال الهندسة الوراثية، فضلاً عن مخصبات زراعية تم تصنيعها من الطمى المكدس فى بحيرة السد العالى، باختصار لدينا دراسات تؤهلنا لأن تعود مصر دولة مصدرة للزراعة وللمنتجات الزراعية.
> هل هذا ممكن؟
– جداً جداً.. وبصراحة عيب جداً أن إسرائيل  التى ليس لديها مياه ولا أرض زراعية فى نصف جودة الأراضى المصرية، إسرائيل هذه تصدر الآن منتجات زراعية كثيرة جداً وتصدر أدوات زراعية أيضاً تصدر صوباً زراعية وأنظمة رى بالتنقيط وغيرها وغيرها.
وباختصار يمكننا أن نصبح دولة عظمى إذا أصبحنا فى المرحلة المقبلة دولة العلم والأخلاق والقانون.
> على ذكر المستقبل والمرحلة المقبلة.. هل تخشى من تعرض مصر لأزمة مائية بسبب سد النهضة الإثيوبى؟
– سواء تم بناء سد النهضة أو نجحت مصر فى الوصول إلى حل وسط مع إثيوبيا ففى كلتا الحالتين مصر معرضة لأزمة مياه والحل العلمى موجود أيضاً، فريق علمى من المركز القومى للبحوث عكف على دراسة أجهزة تحلية مياه البحر وتمكنوا من ابتكار أغشية تحلية يمكن تصنيعها فى مصر بأسعار قليلة جداً، ومع توافر الكهرباء من المحطات الشمسية فى مصر يمكن بسهولة توفير المياه لكل المناطق الساحلية من السلوم وحتى حلايب وشلاتين مروراً بسيناء وساحل البحر الأحمر كله وحتى بورسعيد بل ويمكننا زراعة سيناء بالكامل من خلال تحلية مياه البحر.
> يعنى لن نكون فى حاجة إلى ترعة السلام ولا غيرها؟
– نعم.
> ننتقل إلى ملف آخر من ملفات الأزمات فى مصر وهو أزمة الصحة.. فالأطباء يشكون ضعف رواتبهم والمستشفيات فى الغالب ضعيفة الإمكانات قليلة التجهيزات والمرضى حائرون ما بين تردى أوضاع المستشفيات والتهاب أسعار الأدوية فهل لهذا الانهيارالشامل من حل؟
– الانهيار الشامل يحتاج إلى حل متكامل للمنظومة الصحية كلها وهذه المنظومة تشمل الأطباء والهيئات المعاونة له من الممرضين والإداريين ثم المستشفيات والأدوات الطبية والدواء ولا إصلاح للمنظومة الصحية إلا بزيادة رواتب الأطباء وزيادة عدد المستشفيات وتحديثها واستكمال ما تحتاجه من مبانٍ وأجهزة طبية مع توفير تعليم مستمر للأطباء والتمريض، ومن الضرورى جداً أيضاً أن تنتج مصر أدوية مصرية خالصة.
> الكلام جميل وسهل ولكن التنفيذ يحتاج لمليارات الجنيهات فمن أين لنا بهذه المبالغ الضخمة؟
– الأمربسيط.. كل ما تحتاجه 4 قرارات، الأول أن تتوسع الدولة فى مشروعات السياحة العلاجية فى سفاجا وسيناء والوادى الجديد وسيوة، والقرار الثانى هو التوسع فى منتجعات إعادة التأهيل مع فتح المجال أمام الاستثمارات المحلية لإنتاج الأدوات الصحية مثل الجوانتيات الطبية وملاءات الأسرة، وغيرها وهذا كله سيدر على مصر مبالغ ضخمة تغطى احتياجات النهوض بقطاع الصحة فى مصر.. والقرار الرابع هو أن تصبح مصر من أكبر دول العالم المصنعة والمصدرة للدواء.
> كيف؟
– مصر تمتلك جميع مقومات صناعة الدواء، لدينا خامات هائلة وأعشاب طبية فى كل مناطق مصر، ولدينا شعاب مرجانية وطحالب بكميات ضخمة، وكلها مصدر رئيسى لصناعة المضادات الحيوية ومضادات الالتهابات، ولدينا علماء على أعلى مستوى وبحوث دوائية غاية فى الأهمية ولا يبقى على الدولة سوى تشجيع الاستثمارات المحلية والعربية لتقتحم عالم الدواء، وإذا فعلت الحكومة ذلك فأعدك أن تصبح مصر واعدة من كبريات الدول المنتجة للدواء فى العالم خلال 7 أو 8 سنوات، الهند عملت حاجة زى كدة.. بدأت بتصنيع الأدوية البسيطة جداً والآن أصبحت من أكبر الدول المصدرة للدواء فى العالم، تصدر أدوية حتى لأمريكا.
> قبل أن نترك قضية الصحة دعنى أسألك وأنت عالم طبيب.. لو كنت وزيراً للصحة ماذا ستفعل فى مواجهة انتشار الأمراض المزمنة كالضغط والسكر والقلب التى تصيب أكثر من 50 مليون مصرى حالياً؟
– فوراً أبدأ فى برامج توعية مكثفة للوقاية من تلك الأمراض إنجلترا مثلاً وصل عندها مرض السكر لدرجة أنه أصاب 13٪ من السكان وعلى الفور عملت برامج توعية مكثفة وبعد فترة قصيرة انخفضت النسبة إلى 2٪.
> انتشار مرض السرطان حتى بين الأطفال.. هل هو أمر طبيعى؟
– وبالانتشار الكبير ده مش طبيعى والسبب أن فى مصر عوامل كثيرة تساعد على انتشار الأمراض الخبيثة، على رأس تلك العوامل التلوث.. كل شىء فى مصر ملوث.. الهواء والغذاء والماء، علشان كده لازم تواجه التلوث وتواجه التوسع فى استخدام المبيدات وتواجه اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحى فى القرى وهذا سهل كما قلت لو طبقنا مشروع البيوجاز كما قلت فى بداية حوارنا.. ولهذا أكرر لابد أن نصبح دولة العلم والأخلاق والقانون حتى نتخلص من كل مشاكلنا وننطلق إلى مصاف الدول العظمى.
> كيف نصبح دولة العلم.. والتعليم المصرى كما تراه؟
– بالفعل التعليم المصرى وضعه كارثى فالمدرسون مطحونون والدروس الخصوصية تلتهم 16 مليار جنيه من جيوب المصريين والتلاميذ والطلبة يتعرضون لأبشع عملية تعلم والمحصلة فى النهاية صفر.
> ماذا تقصد بأبشع عملية تعلم؟
– التلقين.. أنت تربى التلاميذ من الابتدائى على الحفظ، حفظ الكتاب لكى يجيب فى الامتحان وبعدها يتبخر ما حفظه ليحفظ منهج السنة التالية وهكذا لا يبقى فى عقول التلاميذ والطلبة شىء، وفوق هذا عطلت عندهم أعظم ميزة وهبها الله للإنسان وهى التفكير، وتعليم كهذا ليس تعليماً بالمعنى المتعارف عليه.
> والحل؟
– يجب أن تنتهى طريقة الحفظ والتلقين فوراً. فى الولايات المتحدة مثلاً أول حصة لتلاميذ الحضانة يعطون كل طفل طبقاً صغيراً وشوكة يبحث بها فى نعل حذائه على أية بذور نباتية تكون قد علقت فى نعل الحذاء أثناء السير فى الشارع، وكل طفل يجد بذرة نبات يقوم بزراعتها فى أصيص، ويتابعها يومياً.. ويرى بنفسه كيف تنمو وتصبح لها ساق وأوراق وجذر.. وبعد فترة يطلبون من كل طفل قطع هذه النبتة ويسلمونه عدسة مكبرة ليرى بعينيه كيف إن هذا النبات عبارة عن خلايا وبعدها يأخذون الأطفال فى رحلات خارجية إلى الحدائق والجبال والشلالات ليروا بأعينهم كل شىء فيها لكى يتعلموا كيف يجمعون المعلومات بأنفسهم.
وفى مراحل التعليم ما فوق الحضانة المدرس يدخل الحصة لا لكى يشرح درساً معيناً وإنما لكى يتنافش مع الطلاب حول موضوع علمى، بمعنى أن المدرس يقول للطلاب سنناقش فى الحصة القادمة موضوع كذا وكل طالب يذهب لمنزله ويقرأ عن هذا الموضوع وفى الحصة التالية يدور نقاش جماعى بين الطلبة والمدرس وهكذا يشب الطلاب على البحث والتفكير والمناقشة، وهذا ما تحتاجه فى مصر.
> يعنى لن تكون هناك مناهج دراسية؟
– لا.. المناهج موجودة ولكن بدلاً من تجميعها فى كتاب يحفظه الطالب يتحول إلى موضوعات بحثية يبحث الطالب بنفسه عن المعلومات الخاصة بها من خلال الإنترنت والمراجع.
> وامتحان آخر السنة يبقى شكله إيه؟
– فيه تقييم شهرى لكل طالب يتولاه المدرس ولو عاوز تعمل امتحان نهاية العام اجعله يقيس قدرة الطالب على التفكير وليس على الحفظ.
> ومكتب التنسيق ماذا سيكون دوره؟
– يجب إلغاؤه شوف مناهج الكيمياء والتى يدرسها طالب الصف الثالث الثانوى فى مصر هى نفسها التى يدرسها طالب الثانوى فى ألمانيا، ولكنك فى مصر تجبر الطلبة على الحفظ وغلق عقولهم، وفى ألمانيا يطلبون منهم التفكير والمناقشة والبحث وهذا ما نحتاجه.
> قلت إنه يجب إلغاء مكتب التنسيق.. فعلى أى أساس سيلتحق طلاب الثانوى بالكليات المختلفة؟
– إذا كانت مرحلة التعليم ما قبل الجامعى 12 عاماً فيجب إعادة تقسيمها لتصبح 5 سنوات ابتدائى و3 إعدادى و3 ثانوى.
> والسنة الباقية؟
– تصبح سنة الإعداد للجامعات.. وفى هذه السنة مفيش تدريس للطلبة ولكن يقال بشكل صريح اللى عاوز يدخل طب يقرأ فى الأحياء والكيمياء والفيزياء واللى عاوز يدخل هندسة يقرأ فى الرياضيات والفيزياء واللى عاوز يدخل حقوق يقرأ فى القانون وهكذا.. وفى نهاية العام يجرى امتحان يقيس قدرة كل طالب على البحث والتفكير فى المواد التى اختارها ونتيجة هذا الامتحان تحدد الكلية التى يلتحق بها.
> وماذا لو أن كل الطلاب كانوا عاوزين طب أو هندسة؟
– لا.. فيه أعداد تحددها كل كلية والأعلى درجات فى الامتحان الذى قلت عليه سيكون من حقه الالتحاق بالكلية التى يريدها والباقى عليه أن يبحث عن كلية أخرى تتوافق وميوله.
> أفهم من ذلك أن السنة التمهيدية لدخول الجامعة لن يكون فيها مدارس ولا مناهج ولا دراسة بالمعنى المعروف حالياً؟
– بالضبط.. وهكذا نعلم الطلاب البحث والتفكير ونقضى تماماً على الدروس الخصوصية.
> يعنى ذلك أن نتيجة امتحان هذه السنة هو الذى سيحدد مصير كل طالب؟
– لو شئت الدقة.. كل طالب هو الذى سيحدد مصيره ومصيره سيكون رهن قدرته على البحث والتفكير.
> وثالثة ثانوى.. ما مصيرها؟
– ستكون سنة عادية الهدف منها كما هو الهدف من كل سنوات التعليم السابقة، حث الطلاب على البحث والتفكير والمناقشة وبهذا فلن تكون هناك دروس خصوصية على الإطلاق ونوفر للأسرة المصرية 16 مليار جنيه ينفقونها على الدروس الخصوصية سنوياً وتتوقف مهزلة مكتب التنسيق.
> تعتبر مكتب التنسيق مهزلة؟
– إذا كانت العملية التعليمية الحالية ومكتب التنسيق يؤديان إلى وجود طلاب يحصلون فى الثانوية العامة على 100٪ و99٪ ثم تجد أن نصف هؤلاء تقريباً يرسبون فى أول سنة جامعية فهذه مهزلة ومأساة.
> من التعليم إلى العلماء.. كيف ترى حال علماء مصر؟
– أنا مشفق على علماء مصر.. إنهم يحفرون فى الصخر.. يتعرضون لضغوط غير عادية.. والمناخ العام لا يشجع على البحث العلمى، والدولة لا تكرم العلماء وإنما تكرم الرياضيين والفنانين وبهذا نجد هجرة العقول من مصر لا يتوقف.
> منذ متى بدأت هجرة العقول من مصر؟
– منذ الخمسينيات بعدما بدأ العلماء يشعرون بأن مصر لن تهتم بالعلم ولا بالعلماء.. قبل الخمسينيات كان كل مصرى يسافر للخارج فى بعثة علمية، أما بعد الخمسينيات بدأ البعض يسافر ولا يعود.. وشيئاً فشيئاً زادت هذه النسبة حتى وصلت حالياً إلى 50٪.
> تقصد أن نصف البعثات العلمية للخارج لا تعود لمصر؟
– وأحياناً 70٪، والأخطر أن مصر تعرضت خلال السنوات الثلاث الأخيرة لأكبرعملية سرقة عقول.
> كيف؟
– خلال السنوات الثلاث الأخيرة توافد على مصر عدد كبير من مندوبى الجامعات والمراكز البحثية الغربية والإسرائيلية وقدموا عروضاً مغرية جداً لأشطر شباب العلماء والباحثين وللأسف نجحوا فى إغواء الكثيرين وسافروا فعلاً للخارج.
> كم عددهم تقريباً؟
– مئات.. والحقيقة لما يسرقوا شباب العلماء فإنهم يسرقون مستقبل مصر.
> المسلسلات والأعمال الفنية تصور العلماء على أنهم معزولون عن الدنيا مهمومون دائماً، شاردون فى الغالب.. فهل هذه الصورة قريبة من الواقع.
– بالعكس.. العلماء مقبلون على الحياة وهدفهم تحقيق أقصى رفاهية لوطنهم وشعوبهم.
> يعنى الدكتور هانى الناظر يسمع موسيقى مثلاً؟
– الموسيقى لا تفارق مكتبى ولا سيارتى ولا منزلى.. وأستمتع بأصوات كل القدامى من أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وكارم محمود وعبدالغنى السيد وعبداللطيف التلبانى وماهر العطار ومحمد عبدالمطلب وأستمتع أيضاً بأغانى محمد منير وعمرو دياب ومدحت صالح وهشام عباس وأنغام وآمال ماهر ولطفى بوشناق، وأحتفظ بكل أغانى صباح فخرى.
> والرياضة؟
– أنا أشجع النادى الأهلى وعضو فى النادى أيضاً وألعب التنس لأننى أؤمن بأن من يعتنى بجسمه فسيعتنى به جسمه.
> وما أكثر ما يسعدك فى الدنيا؟
– أكثر ما يسعدنى ويسعد أى عالم أو باحث هو أن يرى بحثه أو فكرته ثم تطبيقها، ولهذا كانت فرحتى لا توصف عندما تم تنفيذ مشروع سفاجا للسياحة العلاجية وعلاج الصدفية، وهذا المشروع كان ثمرة أحد أبحاثى، والحمد لله تم تنفيذه منذ سنوات عديدة ويحقق لمصر حتى الآن ملايين الدولارات سنوياً.
وسعدت أيضاً بدرجة لا توصف عندما توصل فريق علمى فى المركز القومى للبحوث أثناء رئاستى له، لمصل إنفلونزا الطيور وسعدت كذلك عندما أقنعت العالم الكبير مصطفى السيد بأن يأتى إلى مصر ويجرى أبحاثه الخاصة بعلاج السرطان وحقق نتائج مبهرة وسعدت أيضاً عندما تعاقدت مع الصناعة للاستفادة من أبحاث المركز القومى للبحوث عندما كنت رئيساً للمركز.
> وما أكثر ما أحزنك؟
– عندما سحبوا منى جائزة الدولة التقديرية عام 2009.
> من الذين سحبوا الجائزة؟
– الحكاية أنه فى عام 2009 فجر الكاتب مصطفى بكرى وكان وقتها عضواً فى مجلس الشعب قضية استيراد قمح غير صالح للاستهلاك الآدمى، وقال إن هذا القمح موجود فى سفاجا، فطلب المجلس من المركز فحص عينة من القمح وتحديد مدى صلاحيته للاستهلاك وبالفعل بدأنا نحلل العينة واكتشف علماء المركز أنه لا تصلح فعلاً للاستهلاك الآدمى، وعندها أصررت على أن أوقع على التقرير الخاص بالقمح، ووقتها كتبت بخط يدى أن القمح لا يصلح للاستهلاك الحيوانى، وبالفعل تم منع دخول شحنة القمح تلك وإعادتها إلى أوكرانيا مرة أخرى.
> وما علاقة هذا كله بجائزة الدولة التقديرية؟
– سأقول لك.. فى هذه الأوقات رشحتنى 9 مراكز بحثية فى مصر لنيل جائزة الدولة التقديرية وعرضوا الأمر على اللجنة العلمية الخاصة بمنح جائزة الدولة التقديرية ففحصت اللجنة أوراقى ووافقت على منحى الجائزة، وهذه اللجنة تضم 7 من كبار الأساتذة والعلماء فى مصر، وتمت إحالة الأمر إلى اللجنة العليا لجوائز الدولة والتى تضم 29 أستاذاً وعالماً مثل د. محمد غنيم ود. إبراهيم بدران وأقرانهما من قمم العلماءـ آنذاك، وأيضاً قالت هذه اللجنة إننى أستحق جائزة الدولة التقديرية ووافقت على منحى الجائزة، ووقتها كانت قضية القمح الأوكرانى مشتعلة وأصدرت التقرير النهائى وكتبت فيه كما قلت إن هذا القمح لا يصلح للاستهلاك الحيوانى، ووقتها حدث أمر غريب جداً.
> وما هو؟
– انعقد مجلس أكاديمية البحث العلمى برئاسة وزير التعليم العالى والبحث العلمى ــ آنذاك ــ د. هانى هلال، وتم السماح لأربعة أساتذة ليسوا أعضاء بمجلس الأكاديمية بحضور الاجتماع وطرحوا موضوع منحى جائزة الدولة التقديرية، وعلمت بعد ذلك أن المستشار القانونى للأكاديمية قال إن حكاية التصويت هذه غير قانونية ولا تجوز، ولكن الوزير أصر على التصويت فقال 9 أساتذة إننى أستحق الجائزة، وقال 10 أساتذة إننى لا أستحقها وكان من بينهم الأربعة الذين لا يحق لهم حضور الاجتماع أساساً.. وفى النهاية سحبوا الجائزة منى رغم أن القانون يحدد حالات سحب الجائزة فى حالتين فقط صدور حكم قضائى ضد المتقدم للجائزة فى قضية مخلة بالشرف أو السرقة.. والحمد لله الحالتان لا تنطبقان علىّ ومع ذلك أصرت الحكومة والدكتور هانى هلال على سحب الجائزة منى.
> أحزنك الأمر؟
– أنا قلت حسبى الله ونعم الوكيل.. والمشكلة أننى لم أعد قادراً على التقدم للجائزة مرة ثانية لأننى على الورق حصلت عليها، ولكن الحكومة سحبتها والحقيقة أننى كنت فخوراً بما عملت فلو سحبوا منى كل جوائز الدنيا مقابل أن أقول كلمة حق، لقلت الحق، وهذا ما فعلته فى قضية القمح، ولهذا كنت فخوراً بما فعلت.
> كلامك يحمل معنى أن جوائز الدولة فى مصر مسيسة؟
– إلى حد ما.
> أخيراً.. ما أمنيتك التى تتمناها؟
– أتمنى أن تصبح مصر دولة العلم والأخلاق والقانون.. وأتمنى أن تنشئ الحكومة كلية السياسة والعلوم حتى تخرج سياسيين بخلفية علمية على غرار كلية السياسة والاقتصاد التى خرجت لنا سياسيين بخلفية اقتصادية.

الأقسام: أخبار مصر, حوارات