جريدة السوهاجية

جريدة السوهاجية | صوت من لا صوت له

مقالات وآراء

رامي جلال عامر يكتب : مصر والإمارات.. لسه الخير «زايد»

 

 

بقلم /  رامي جلال عامر

وضع «الأسماك» فى مصر يلخص حال إدارة الاستثمار فيها! فمصر تمتلك بحرين ونهرا ودستة بحيرات، ومع ذلك فهى الأولى عالميًا فى استيراد الأسماك وليس تصديرها!! وكأن البلد لا تفعل شيئًا فى الماء إلا غسل شعرها كما يقول عبدالحليم حافظ!

بادئ ذى بدء، لابد أن نتفهم أنه لا فائدة على الإطلاق من جذب استثمارات وزرع بذورها فى تربة صخرية، ستقتل النبتة قبل خروجها إلى الهواء، وتمنع الجذور من أن تترسخ فى الأرض، خاصة أن حبوب لقاح هذه النباتات ستنتشر فى الهواء، وتحذر باقى البذور من هذه التربة القاسية.. علينا أن نمهد الأرض قبل الزراعة!

ما تحتاجه مصر حقيقة هو إصلاح مؤسسى وتطوير تشريعى وصياغة رؤية واضحة تطمئن المستثمرين، ومن ثم تجذب استثمارات جديدة، وذلك عن طريق بث رسائل إيجابية فى نفوسهم عن فرص الاستثمار المتاحة فى مصر.. وأول ما نحتاجه فى هذا الصدد هو قتل البيروقراطية المتوطنة، والتخلص التام من أعراضها المزمنة، مما سيقضى بكل تأكيد على الفكرة المصرية الأشهر وهى فكرة «المصاريف المستخبية»، التى تجعل الاستثمار يخسر كثيرًا قبل أن يبدأ! ولفعل ذلك نحتاج – ابتداءً – إلى مجمّعٍ إدارى واحد فقط يمكن للمستثمر من خلاله فعل كل شىء؛ بداية من استخراج أى ورقة وحتى دفع أى ضريبة. نحن بحاجة إلى الربط الإلكترونى بين جميع المؤسسات.

ولعل إحدى أهم المشاكل التى تواجه الاستثمار الأجنبى فى مصر هى الصورة الذهنية السيئة التى استقرت فى أذهان عدد كبير من المصريين، وتحول معها كل رجل أعمال إلى لص مؤكد، وكل مستثمر إلى لص محتمل! وهذا سيتغير تلقائيًا مع دوران عجلة الإنتاج، وشعور الجماهير بالتغيير.

الأخطر من كل ما سبق، هو ارتعاش يد المسؤولين، الذين يخافون – خاصة بعد الثورة – من توقيع أى ورقة، وهذا ما يمكن حله بمجموعة من القرارات السياسية والسيادية، وليس بقانون ما سيتم الالتفاف حوله كالعادة. مصر دولة كبيرة وقوية، وتكفيها قوتها البشرية وكوادرها المتطورة، والأقوياء لا يحتاجون إلى الدعم، لكنهم يتطلعون دومًا إلى الشراكة الفاعلة التى تعود بالنفع على الجميع.. فـ «التكامل» هو القوة الكامنة للمنطقة العربية، ونار التقدم والرقى التى تقبع تحت رماد اللاتعاون.

وأى خطوات عربية إصلاحية لابد أن تبدأ باجتماعنا معًا لبحث المشكلات ومحاولة حلها وطرح الفرص ومحاولة دعمها، ومن هنا تأتى أهمية «الملتقى الاستثمارى المصرى الخليجى»، الذى سيقام فى الرابع والخامس من شهر ديسمبر القادم، وسيستعرض الإصلاحات الاقتصادية التى تقوم بها الحكومة المصرية، ويناقش تطوير الأنظمة والتشريعات بالشكل الذى يسهم فى تعزيز الثقة بالاقتصاد المصرى، ومن ثم تعزيز تدفق الاستثمارات.. هذا بالضبط ما نحتاج إليه، خمسمائة مستثمر خليجى معًا على أرض مصر.

ولا أظن أن أحدًا من أبناء مصر سينسى ما يفعله أبناء زايد معهم، فهم يقفون خلف تنظيم هذا الملتقى الاستثمارى الأهم فى هذه المرحلة، وهذا طبيعى، ويتفق مع الاستراتيجية التاريخية للإمارات العربية المتحدة؛ فلقد وعى الشيخ زايد – طيب الله ثراه – مبكرًا أهمية مصر ودورها، وعرف أن استقرار مصر هو استقرار للعالم العربى والمنطقة بأسرها.. والتكامل هنا لا يأتى عن طريق الدعم؛ فمصر أكبر من ذلك بكثير، كما أن هذا الدعم سيتوقف إن عاجلًا أو آجلًا، لكن التكامل يأتى من كون دولة الإمارات لها باع طويل وخبرات متطورة فيما تحتاج إليه مصر استثماريًا فى هذه المرحلة من الإصلاح المؤسسى وجذب الاستثمارات الجديدة، ومصر بها ما تحتاج إليه الإمارات من فرص استثمارية جادة وقوة بشرية عظيمة.. مصر والإمارات فى حاجة لبعضهما البعض، كلتاهما تستطيع رفع الأخرى.. أرض الكنانة وأرض زايد تستطيعان معًا بلوغ آفاق قصوى من التقدم والرقى.. وفى تقديرى الشخصى أنه «لسه الخير زايد».

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *