أنا عيد الأضحى، أتيت إليكم.. نسائمى ترطب قلوبكم، نورى يسطع بعيونكم، حبى يسكن وجدانكم، قلبى يشتاق لكل إنسان فيكم، تنتظرونى كل عام، لتستمتعوا بزيارة الرحمن، وقراءة القرآن، والصلاة على النبى العدنان، ابتسامتى ساحرة لكم، ترد الروح وتُنعش النفس والوجدان، بها تختلج نبضاتكم وتعزفون من اسمى أرقى الأنغام، وعند بزوغ السحر تشتعل حناجركم وتنبعث من أفواهكم رائحة الورد المعطرة بالريحان، لتهتفوا بصوت واحد لبيك اللهم لبيك بقلوب خاشعة صادقة بالإيمان، وأحببت أنا العيد أن أزور كل المدن والبلدان وأزرع البسمة والفرحة فى قلوب الصغار والكبار، لكن يا خسارة وصلت على حدود السوريين، حتى أسلم على الحلوين، لقيت اسمى بقائمة المحظورين، ومن بعيد رأيت الأطفال منتظرين مش لابسين لبس العيد، ودموعهم على الخد بغصة وأنين، لابسين لبس الشهيد ودمهم على الأرض بسيل.
لمحت أهل البلاد، لقيت الحزن مرسومًا على كل الوجوه ولقيت أنهار الدم تحولت لبحور، وبكل بيت شهيد وأم ثكلى وزوج فقيد.
القمر غاب عن سماهم، والشمس صارت برد تنخر عظامهم، والعتمة مزينة دارهم، وسهم الحزن مغروس بصدورهم، ونور عيونهم انطفأ من كثرة البكاء والحنين،
وبعد طول تفكير سألت نفسى كيف أسعدهم وأرسم البسمة على وجوههم وأخلى الشعب كله فرحان وسعيد؟
ردوا على بصوت حزين وين الفرحة تكون! ومات أكثرنا وتشرد أطفالنا واستشهد أبناؤنا واندفوا أزواجنا وآباؤنا تحت التراب ونحن بقينا وحيدين، وريشة الحزن رسمت على وجوهنا كل التجاعيد وحولتنا المآسى لكتلة رماد، وألهم شق قلوبنا وخلى النار تحرق أجسادنا،
سمعت كل الحكايات وقصص العذاب والآهات، ومآسى الشعب الحزين، وصممت إنى أدخل البلاد وأزرع الفرحة والهنا بين العباد.
لكن كيف بدى أقطع الحواجز المرسومة بكل المسارات؟ كيف رح أتخطى خطوط النار الموجودة بكل الطرقات؟ ممكن تؤذينى وممكن تموتنى وممكن تمحى آثار الأعياد، كيف وكيف وكيف؟؟؟
بكيت عليك ياوطن.. كل الأوطان فرحانة بالعيد وأنت وحدك كل يوم بموت فيك ألف شهيد، كل عام وجميع الأمة العربية بألف خير.