جريدة السوهاجية

جريدة السوهاجية | صوت من لا صوت له

مصطفى النجار: عن ذبح 21 مصريًّا مسيحيًّا قالك إيه اللى وداهم هناك؟!

 

بقلم / د مصطفى النجار : _

تداولت مواقع تابعة لتنظيم داعش صورا لمجموعة من المصريين المسيحيين الذين تم اختطافهم منذ ما يزيد على شهر في ليبيا وقالت هذه الصفحات إن التنظيم المعروف في ليبيا باسم (ولاية طرابلس) قد قام بذبح 21 عاملا مصريا مسيحيا ينتمون لمحافظة المنيا وأغلبهم من مركزي مطاي وسمالوط، ونشرت المواقع صورا لعدد منهم يرتدون الملابس البرتقالية التي اعتادت داعش إعدام خصومها وهم يرتدونها.

المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية قال للصحف إن «خلية الأزمة» التي تم تشكيلها مؤخراً تتابع ما تم نشره بشأن صور يقال إنها للمصريين المختطفين في ليبيا وإن الوزارة تتابع التفاصيل للتأكد من صحة هذه المعلومات.

بينما قال القمص إسطفانوس شحاتة، كاهن مطرانية سمالوط بالمنيا في تصريحات للإعلام، إنه حال التأكد من خبر استشهاد 21 مصريا مسيحيا في ليبيا على يد تنظيم داعش فسيتم توجيه اتهام لوزارة الخارجية المصرية بالتقصير الشديد، حيث إنه منذ عدة شهور استغاثوا بالخارجية بسرعة التحرك لمعرفة مكان هؤلاء المخطوفين ومتابعتهم حتى عودتهم إلى أراضيهم. وطالب بعد التأكد من صحة الخبر بتسليم جثامين الشهداء المخطوفين في ليبيا إلى أهاليهم لإقامة العزاء لهم والصلاة عليهم داخل كنائسهم، وأكد على وضع أسمائهم تحت لائحة الشهداء وصرف تعويضات لأسرهم وتوفير وظائف لأهاليهم لأنهم يحتاجون إلى ذلك.

وبعد نشر الصور على صفحات داعش قامت جريدة «المصرى اليوم» بعرض صور المختطفين على أهاليهم للتأكد من هويتهم، فتعرفت أسرتان على اثنين منهم، هما: «صموئيل ألهم»، و«بيشوى إسطفانوس»، وقال الأهالي إنهم يئسوا من تحرك المسؤولين أو مساعدتهم في الإفراج عن ذويهم، ووصفوا لقاءاتهم بمسؤولى الخارجية بالمسكنات، وأضافوا أن الدولة تخلت عنهم في محنتهم.

كان هذا حصاد أزمة المصريين المسيحيين المختطفين في ليبيا وحتى كتابة هذه السطور لم يصدر بيان رسمي يؤكد مقتلهم أو لا وإن كانت المواقع والصفحات الداعشية تؤكد أن إعدام المصريين قد تم تنفيذه بالفعل

بمجرد تداول هذه الأخبار انبعتث أصوات فريق (إيه اللى وداهم هناك) لتمارس وقاحتها المعهودة وتُحمل العمال المساكين مسؤولية ما حدث لهم، والحقيقة أن هؤلاء الفقراء المعدمين الذين ينتمي أغلبهم لجنوب مصر البائس لم يذهبوا إلى ليبيا من أجل التنزه ولا الاستمتاع بالحرب الأهلية الدائرة هناك الآن!

اللى وداهم إنهم مش لاقيين لقمة عيش في البلد دى وان وراهم بيوت وأطفال بيموتوا من الجوع عشان كدا نسيوا أي خطر ممكن يتعرضوا ليه في ليبيا مقابل حلمهم انهم يلاقوا لقمة العيش، اللى وداهم هو نفس السبب اللى خلى مصريين كتير تلجأ للهجرة غير الشرعية ويركبوا مراكب الموت ويكرروا نفس تجربة مئات قبلهم غرقوا ونهشتهم أسماك البحر لكن كانوا بيقولوا لأهلهم قبل ما يسافروا (لو قعدنا هنا احنا ميتين ولو غرقنا احنا ميتين فمش هتفرق كتير كله موت).

هل رأيت صور أسر العمال المختطفين؟ هل التقطت عيونك مدى بساطة منازلهم وتواضعها؟ هل مازلت تسأل حتى الآن إيه اللى وداهم هناك؟

أما الدولة فحدث ولا حرج عن خيبتها الشديدة وتخاذلها في التعامل مع أرواح مواطنيها بهذه الخفة واللامبالاة، عملية الاختطاف تمت منذ فترة ليست بالقصيرة واستغاثات الأهالي بالدولة لإنقاذ أبنائهم لم تتوقف ولم يستمع لهم أحد، نفس الأحاديث المكررة عن تشكيل لجنة أزمة وعن توجيهات بالتعامل السريع والنتيجة لا شيء!

أشعلت الأردن – وهى بلد أصغر من مصر بكثير- العالم حول قضية أسيرها الطيار الحربي الذي أسرته داعش بينما صمتت مصر عن 21 مصريا مدنيا يواجهون نفس المصير، راجع الفترة الماضية وتفحص اهتمامات وسائل الإعلام المصرية؟ هل كانت هذه الأرواح تعني لهم شيئا؟ هل مارسوا الصراخ ووجهوا النداءات؟ هل خرج مسؤول رسمي وتحدث بجدية عن القضية؟ هل رأينا مجهودا أمنيا أو عسكريا أو حتى معلوماتيا للوصول للمصريين المختطفين وإنقاذهم من الموت؟ لم نرَ شيئا من ذلك ومن رأى أو يعلم ما لا نعلمه فليخبرنا حتى تهدأ نفوسنا ونسامح أنفسنا عن التقصير والخجل الشديد الذي يحرق قلوبنا ونحن نرى هؤلاء الغلابة يذبحون بدم بارد ودولتهم وشعبهم لا يبالي بهم.

لماذا لم ننتفض لهؤلاء مثلما انتفض الأردن لمعاذ الكساسبة؟ هل الغلابة لا ثمن لهم في مصر؟ هل ذبح 21 مصريا بلا جرم ارتكبوه سوى سعيهم للقمة العيش الحلال يمكن أن يمر بهذه السهولة؟ أي مهانة تلك التي تكلل وجوهنا؟ وأي ذل هذا وعجز أصابنا؟ لأ أدري ماذا سنقول لأبناء الضحايا وأمهاتهم وكيف سننظر في عيونهم، تخيل أن هؤلاء عاشوا كل هذه الأيام يصرخون طالبين النجدة لإنقاذ ذويهم ولم يسمعهم أحد وفي النهاية يرون على الشاشات وفي الصور جثث أبنائهم! كيف سيكون شعورهم تجاه هذا الوطن الذي ترك آباءهم وأبناءهم يموتون بلا مبالاة.

هل سنعلن الحداد على أرواح 21 مصريا أم أنهم لا يستحقون؟ هل سنعوض أسرهم عن فقدان ذويهم ونضمن لهم حياة كريمة مثل التي مات آباؤهم وأبناؤهم من أجل تحقيقها لهم؟ هل سيشغلنا زحام الأحداث ونتجاوز المأساة مثلما تجاوزنا مآسي كثيرة قبلها؟

قبل عام مضى كتبت في هذه المساحة مقالا مطولا عن المخاطر التي تحيط بالمصريين المسيحيين في ليبيا بعنوان (ما الذي يحدث للمصريين المسيحيين في ليبيا)

وكتب غيري قبل استفحال الأزمة لكن لم ينتبه أحد ولم نتحرك بالشكل المطلوب، الآن لا أدري ماذا نقول بعد أنباء قتل المصريين هناك ولا ندري هل سيتكرر مزيد من المذابح للمصريين هناك؟ الكرة الآن في مربع الدولة فماذا ستفعل؟

رحم الله من رحلوا وسامحنا جميعا على تقصيرنا إنا لله وإنا إليه راجعون..

الأقسام: مقالات وآراء
ووردبريس › خطأ

كان هناك خطأ فادح في هذا الموقع.

معرفة المزيد حول استكشاف الأخطاء في ووردبريس.